شهدت قرية الجُلف التابعة لمركز بني مزار بمحافظة المنيا، اليوم الأحد، حالة من الهدوء النسبي وسط تواجد أمني مكثف، عقب الأحداث التي وقعت مساء السبت على خلفية شائعة بشأن علاقة بين شاب مسيحي وفتاة مسلمة تبلغ من العمر 16 عامًا.
وأكد العمدة محمد المنياوي، عمدة القرية، أن الأوضاع أصبحت تحت السيطرة تمامًا، موضحًا أن الأجهزة الأمنية نجحت في إحكام قبضتها على الموقف قبل عقد جلسة الصلح العرفية، حيث تمكنت من القبض على عدد من الشباب المتهمين بالتحريض والتعدي على منازل عدد من الأسر القبطية بعد انتشار الشائعة.
وقال العمدة إن الأحداث بدأت عقب تداول منشورات ومقاطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي، تضمنت مزاعم عن علاقة بين شاب قبطي وفتاة مسلمة، إلى جانب شائعات عن اختطافها وتهريبها داخل تابوت، وهو ما أثار حالة من الغضب بين بعض الشباب والصبية داخل القرية.
وأدت هذه الشائعات إلى وقوع اعتداءات محدودة استهدفت بعض منازل الأقباط، حيث أُطلقت الحجارة والطوب عليها، وتعرضت بعض الأراضي الزراعية للحرق، قبل أن تتدخل قوات الأمن وتسيطر على الموقف بشكل كامل.
اتهم عدد من أهالي القرية شابًا مسلمًا يبلغ من العمر 19 عامًا بالتحريض على العنف من خلال مقطع فيديو دعا فيه إلى الانتقام من الأقباط، ما تسبب في تصاعد التوترات داخل القرية. وأكد الأهالي أنهم طالبوا بتطبيق القانون على جميع المتورطين دون استثناء.
وأوضح مصدر أمني أن قوات الأمن المركزي ومكافحة الشغب فرضت كردونًا أمنيًا حول القرية بعد تلقي بلاغ من العمدة بوقوع اعتداءات، وتم القبض على عدد من الشباب المتورطين من الجانبين، إضافة إلى التحفظ على الشاب القبطي المتهم لحمايته من أي اعتداء محتمل، إلى حين انتهاء التحقيقات.
وأشار المصدر إلى أن الجهات المختصة رصدت كافة المنشورات والفيديوهات التي تم تداولها على موقع “فيسبوك”، وتم ضبط أصحابها والتحقيق معهم بتهم نشر شائعات وتحريض على العنف.
وفي مساء السبت، عُقدت جلسة صلح عرفية موسعة داخل مقر العمدية بحضور المئات من الأهالي وعدد من المحكمين المحليين والقيادات الأمنية والمحلية، وأسفرت الجلسة عن توقيع اتفاق صلح بين الطرفين برضاء كامل، دون صدور أي قرارات بتهجير الأسر المسيحية.
وتضمن الاتفاق عدة بنود، من بينها احترام سلطة القضاء وعدم التدخل في شؤونه، وتغريم جدّ الشاب القبطي المتهم مبلغ مليون جنيه مصري، وفرض شرط جزائي قدره مليوني جنيه على من يُخل بالاتفاق، إضافة إلى استمرار الإجراءات القانونية بحق المتهم والتأكيد على خضوعه للقانون، مع الدعوة إلى ضبط الخطاب الإعلامي ومنع تداول الواقعة مجددًا.
وأكد العمدة أن جميع الأطراف وقّعت على الاتفاق بالتراضي، وأن أسرة الشاب لا تزال مقيمة داخل القرية. وأعقب توقيع الصلح احتفالات شعبية ومسيرات بالزغاريد في شوارع الجُلف احتفالًا بعودة الهدوء، وسط استمرار التواجد الأمني المكثف لضمان الاستقرار.
من جهة أخرى، أدان الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي ما وصفه بـ”الانتهاك الصارخ لسيادة القانون” جراء اللجوء للجلسات العرفية، مؤكدًا أن هذه الممارسات تُكرّس لفكرة العقاب الجماعي وتشجع على الإفلات من العقوبة، ودعا إلى فتح تحقيق عاجل في الأحداث وتمكين الأسرة القبطية من العودة الآمنة إلى منازلها، مع تفعيل مفوضية مكافحة التمييز المنصوص عليها في الدستور.
وأكد الحزب أن الوحدة الوطنية لا تُبنى على الأعراف أو التسويات المؤقتة، بل على المساواة في الحقوق أمام القانون وحماية كرامة كل مواطن دون تفرقة.













