لم يتجاهل الكاتب الليبي الكبير إبراهيم الكوني الجدل الذي أثير حول اسمه بعد إدراجه ضمن قائمة المرشحين لجائزة نوبل للآداب 2025، قبل أن تؤول الجائزة إلى الكاتب المجري لازلو كراسناهوركاي، حيث عبّر الكوني عن موقفه من هذا الجدل عبر منشور مطوّل على حسابه بموقع فيس بوك.
قال الكوني في كلمته إن الحملة الإعلامية التي رافقت ترشيحه كانت بمثابة “معزوفة سيمفونية” أعادت إلى الواجهة نصوصه الأدبية التي ظن أنها بعيدة عن الاهتمام في ظل واقع ثقافي حداثي متغير، لكنه فوجئ – على حد تعبيره – بتقدير القراء والنقاد لقيمة تجربته الأدبية. وأضاف أن موسم نوبل يعيد كل عام النقاش حول معايير الجمال الأدبي، مؤكدًا أن الجائزة كثيرًا ما تخضع لمعايير سياسية وأيديولوجية، أكثر من خضوعها للقيمة الإبداعية للنص الأدبي نفسه.
وأوضح الكاتب الليبي أن جائزة نوبل للآداب لم تعد تكرّم النصوص بقدر ما تلتفت إلى هوية الكتّاب وانتماءاتهم الفكرية والسياسية والعرقية، معتبرًا أن هذا التوجه يُضعف من مصداقية التقييم الأدبي. وقال: “في تقييم أي تجربة إبداعية، يجب أن يكون الحكم على العمل نفسه، وإن لم يقتنع به المحفل الأدبي، فالنزاهة تقتضي احترام الجهد، لكن النزاهة باتت ضحية أمام سلطة الحظ.”
وكشف الكوني أنه كان في عزلة فكرية يقرأ خلالها كتاب ديكارت “الدليل على وجود الله” عندما تلقى خبر الحملة التي تناولت ترشيحه للجائزة، مؤكدًا أن هذا التفاعل الإنساني من قرّائه ومتابعيه هو في حد ذاته أعظم جائزة يمكن أن ينالها الكاتب، لأنها منزّهة عن المصالح والاعتبارات الأيديولوجية.
وأشار إلى أن مسيرته الأدبية تمتد لأكثر من ستين عامًا، قدّم خلالها أكثر من تسعين مؤلفًا تُرجمت إلى لغات متعددة، وحازت العديد من الجوائز الأدبية العربية والدولية. وبيّن أن رسالته الإبداعية تتمحور حول الدفاع عن الصحراء بوصفها رمزًا للروح والهوية والتاريخ الإنساني، لا مجرد مصدر للثروات الطبيعية، معتبرًا أن ما تتعرض له شعوبها من تهميش وإبادة ثقافية هو مأساة أخلاقية وإنسانية.
وفي ختام حديثه، عبّر الكوني عن سعادته بفوز الكاتب المجري لازلو كراسناهوركاي بجائزة نوبل، مشيرًا إلى أنه كان زميله في القائمة القصيرة لجائزة “مان بوكر الدولية” لعام 2015 في لندن، قائلاً: “أهنئه بصدق، لأن الجائزة الحقيقية هي اعتراف القراء بصدق النص وقيمته، أما الجوائز الرسمية فليست سوى وثائق تعريف بأسماء الكتّاب.”