حظيت خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للسلام في غزة بترحيب واسع من بعض الأطراف الدولية، إذ اعتبر مؤيدوها أنها قد تدفع حكومة بنيامين نتنياهو إلى قبول فكرة الدولة الفلسطينية مستقبلًا، لكن سام كايلي، محرر الشؤون العالمية في صحيفة “الإندبندنت” البريطانية، وصفها بأنها خدعة استعمارية محكوم عليها بالفشل.
وأوضح كايلي أن جوهر الخطة يتمثل في إلزام إسرائيل بقبول “مسار موثوق لتقرير المصير الفلسطيني وإقامة الدولة”، رغم أن نتنياهو نفسه أعلن مرارًا أن ذلك لن يحدث أبدًا، ومع ذلك، إذا قبلت حركة حماس الاستسلام، ووافقت السلطة الفلسطينية، وتمكن نتنياهو من إقناع حكومته اليمينية المتطرفة، فقد تعود إسرائيل إلى طاولة المفاوضات لإنهاء نظام الفصل العنصري القائم في الضفة الغربية، والذي حولها إلى جزر معزولة من الحكم الذاتي.
ويشير الكاتب إلى أن هذا الطرح يبدو جيدًا من الناحية النظرية، لكن الواقع مختلف، فقد عملت إسرائيل على ضمان أن تكون الدولة الفلسطينية غير قابلة للحياة في الوقت الراهن، وحتى تصبح فلسطين المستقبلية دولة حقيقية وليست مجرد خطوط على الورق، فإن الأمر يتطلب تغييرًا جذريًا في السياسات القائمة.
عدد من الدول اعتبرت أن المبادرة خطوة إيجابية لأنها تربط بين إعادة إعمار غزة وإحياء مسار حل الدولتين، بما يمهد لسلام عادل يدمج القطاع مع الضفة الغربية في إطار دولة فلسطينية موحدة، غير أن صحيفة “الإندبندنت” ترى أن هذه الوعود غائبة عن مخطط ترامب–نتنياهو، وهو ما يمثل جوهر المشكلة.
ووفق التقرير، فإن الولايات المتحدة وإسرائيل صاغتا خطة تمنح إسرائيل تفويضًا للسيطرة على غزة أو حتى احتلالها، عبر إدارة شكلية يقودها توني بلير، الذي يثير رفضًا واسعًا في الشرق الأوسط، فيما يظهر ترامب كـ”ملك” يتولى الإشراف على القطاع، وهو ما اعتبره الكاتب نموذجًا واضحًا للحكم الاستعماري.
ويرجح كايلي أن تظل غزة خاضعة لهذه السيطرة إلى أجل غير مسمى، أو على الأقل حتى تثبت السلطة الفلسطينية، التي تدير أجزاء من الضفة الغربية، أنها قادرة على إدارة غزة بما يتوافق مع المصالح الأمريكية والإسرائيلية.
الخطة تشمل أيضًا تشكيل قوة دولية لمراقبة غزة بعد نزع سلاح حماس، وإطلاق سراح الأسرى والرهائن، ورحيل القيادة السياسية للحركة إلى المنفى، لكن الكاتب يحذر من أن تنفيذ هذه البنود سيؤدي إلى مواجهات عنيفة، إذ سيعتبر الفلسطينيون ذلك شكلًا جديدًا من الاحتلال، يعيد إنتاج المعاناة والمستنقع الأخلاقي الذي تعيشه غزة منذ سنوات.