حذر خبراء الصحة من تزايد حالات الإصابة بما يُعرف بـ”القلق السيبراني”، وهو اضطراب نفسي ناتج عن الإفراط في استخدام الإنترنت للبحث عن الأعراض الصحية، حيث بات الكثيرون يعتمدون على محركات البحث، خاصة جوجل، لتشخيص أنفسهم ذاتيًا بدلًا من مراجعة الأطباء المختصين.
دكتور جوجل يسبب الذعر لا الطمأنينة
يشبّه الأطباء هذه الحالة باضطراب الوسواس المرضي، وهو نوع من القلق يجعل الفرد منشغلًا بشكل مستمر بصحته حتى دون وجود مرض حقيقي، لكن ما يميز “القلق السيبراني” هو أنه يغذى بواسطة الإنترنت والمعلومات غير الدقيقة أو المجتزأة.
بحسب صحيفة ديلي ميل البريطانية، أجرى البريطانيون البالغون في عام 2023 ما يقرب من 50 مليون عملية بحث صحية على جوجل، مما يشير إلى تنامي الاعتماد على الإنترنت في التشخيص الذاتي، بدلًا من الرجوع للمصادر الطبية الموثوقة.
2 من كل 5 يشخصون أنفسهم بأمراض خطيرة بعد البحث
كشفت دراسة حديثة أن 40% من الأشخاص الذين يستخدمون الإنترنت للبحث عن أعراضهم ينتهي بهم الأمر إلى تشخيص أنفسهم بأمراض خطيرة، مثل السرطان أو الأزمات القلبية، حتى وإن كانت الأعراض بسيطة.
ورغم أن الوعي الصحي مهم، إلا أن هذه المبالغة في التشخيص الذاتي تكلف هيئة الخدمات الصحية البريطانية NHS أكثر من 420 مليون جنيه إسترليني سنويًا، نتيجة تزايد زيارات الطوارئ والفحوصات غير الضرورية.
القلق السيبراني قد يكون مرهقًا وخطيرًا
أوضح الباحثون أن القلق السيبراني أصبح يمثل تحديًا نفسيًا حقيقيًا، إذ يدفع المصاب إلى الغوص في بحر من المعلومات الطبية عبر الإنترنت، مما يؤدي إلى تضخيم الأعراض البسيطة، فعلى سبيل المثال، قد يعتقد الشخص أن صداعه ناتج عن ورم في المخ، أو أن ألم المعدة ناتج عن نوبة قلبية وشيكة.
قال البروفيسور ديفيد فيل، استشاري الطب النفسي في لندن، إن أحد أسباب تفاقم هذه الظاهرة هو سهولة الوصول للمعلومات عبر الإنترنت، وأضاف:
“في السابق، كان الناس يسألون الأهل أو الأطباء، أما اليوم، فيمكنهم البحث عن أي عرض خلال ثوانٍ، والمشكلة أن كثرة المعلومات تُزيد من التوتر وليس العكس”.
التأثيرات النفسية والاجتماعية خطيرة
أظهرت دراسة أجرتها جامعة ولاية فلوريدا أن القلق السيبراني لا يقتصر على التوتر فقط، بل يؤدي إلى ضعف في الأداء الوظيفي اليومي، وسوء استخدام خدمات الرعاية الصحية، كما أنه يُعد أكثر تطورًا وخطورة من القلق الصحي التقليدي.
ويبدو أن الأشخاص المصابين باضطراب الوسواس القهري، أو من لديهم تاريخ مع القلق، هم الأكثر عرضة لتطور هذا النوع من الرهاب المرتبط بالتكنولوجيا.
كيف تحمي نفسك من القلق السيبراني
لا تعتمد على الإنترنت لتشخيص حالتك، بل استشر طبيبًا مختصًا
إذا شعرت بالقلق من عرض صحي، حدد موعدًا مع أخصائي بدلًا من قراءة عشرات المقالات
قلّل من وقت البحث عن المعلومات الصحية على الإنترنت
تذكّر أن معظم الأعراض الشائعة لا تعني بالضرورة وجود مرض خطير