أكد الدكتور بدر عبد العاطي، وزير الخارجية المصري، أن ما ترتكبه إسرائيل في غزة من جرائم ضد المدنيين محاولة واضحة لتفريغ القطاع من سكانه، محذرًا من أن مصر لن تسمح بحدوث نكبة فلسطينية ثانية، ومشدّدًا على أن النزوح القسري أو الطوعي مرفوض تمامًا، وهو خط أحمر لن يتم التساهل معه.
وفي حوار صحفي مع “الأهرام ويكلي” و”أهرام أون لاين”، تناول الوزير أبرز الملفات الإقليمية والدولية، في مقدمتها العدوان الإسرائيلي على غزة، معربًا عن رفض مصر التام لاستخدام إسرائيل للقوة المفرطة التي تُقوّض فرص السلام، وتزرع بذور الكراهية والعداء لأجيال قادمة.
القضية الفلسطينية: تهجير الشعب جريمة مرفوضة وخطة الإعمار مستمرة
قال وزير الخارجية إن مصر والعالم العربي يرفضون بشكل قاطع أي محاولات لإجبار الفلسطينيين على مغادرة وطنهم، سواء عبر معبر رفح أو بأي وسيلة أخرى. وأكد أن الخطة العربية لإعادة إعمار غزة، التي أُقرت في القمة العربية، تم تصميمها لضمان بقاء الفلسطينيين على أرضهم، بدعم دولي واسع.
وشدد على أن إسرائيل برؤيتها الحالية تبعد المنطقة عن السلام، وأن الجرائم المرتكبة في غزة ستترك آثارًا ممتدة زمنيًا ونفسيًا. وأضاف: “استخدام القوة المفرطة دون حساب هو هوس قصير النظر يهدد الأمن الإقليمي بأكمله”.
السلام بين مصر وإسرائيل قائم.. ولكن برؤية شاملة تحفظ الحقوق
وحول معاهدة السلام المصرية–الإسرائيلية، أكد عبد العاطي تمسك مصر بها، باعتبارها ركيزة لاستقرار المنطقة، مشيرًا إلى أن القاهرة قادت مسيرة السلام تاريخيًا برؤية شاملة قائمة على حل الدولتين وحق الفلسطينيين في العيش بحرية وكرامة.
موقف مصر في الأمم المتحدة: زخم دولي متصاعد للاعتراف بفلسطين
قال الوزير إن اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة المقبلة ستشهد دفعة قوية نحو توسيع الاعتراف بدولة فلسطين، واصفًا الخطوة بأنها تاريخية ومفصلية. وأكد أن الزخم العالمي حول القضية الفلسطينية يتزايد، ولن يتوقف، بل سيتعاظم في المرحلة المقبلة.
رسالة قوية بخصوص السد الإثيوبي: لا شرعية للإجراءات الأحادية
حول أزمة سد النهضة، شدد الوزير على أن مصر قدمت مذكرة رسمية للأمم المتحدة، وأن اكتمال بناء السد لا يمنح المشروع شرعية دولية. وأضاف أن التصرفات الإثيوبية الأحادية تمثل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي، ومصر تحتفظ بحقها الكامل في اتخاذ كافة الإجراءات الضرورية لحماية أمنها المائي باعتباره قضية وجودية.
السودان وليبيا.. الأمن القومي المصري يبدأ من الجنوب
أوضح عبد العاطي أن مصر ترفض بشكل قاطع أي محاولات لتقسيم السودان، وتدعم وحدة أراضيه ومؤسساته. كما تواصل القاهرة جهودها لتحقيق وقف فوري لإطلاق النار، والاستجابة للاحتياجات الإنسانية، في سياق يحافظ على استقرار حدودها الجنوبية.
الشراكة مع واشنطن: تعاون راسخ رغم الخلافات
أكد الوزير أن العلاقات المصرية–الأميركية استراتيجية وممتدة، تشمل تعاونًا عسكريًا واقتصاديًا، كما ظهر في مناورات النجم الساطع 2025، ومنتدى الاستثمار المشترك. لكنه أشار إلى ضرورة أخذ واشنطن لمخاوف مصر الأمنية والسياسية بجدية أكبر، خصوصًا فيما يتعلق بغزة والبحر الأحمر.
النظام الدولي الجديد.. ومبدأ التوازن الاستراتيجي
في ختام الحوار، عرض الوزير رؤية مصر للنظام العالمي الناشئ، مؤكدًا أن سياسة القاهرة الخارجية ترتكز على التوازن الاستراتيجي، ورفض الاستقطاب، وتعزيز التعاون مع شركاء متنوعين. وأضاف أن احترام سيادة الدول، والقانون الدولي، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، هي مبادئ ثابتة تحكم تحركات مصر في الداخل والخارج، بما يدعم الاستقرار العالمي.