تشهد مصر اليوم مرحلة مفصلية في ملف حماية التراث الثقافي، حيث تتواصل المبادرات الحكومية والمدنية والإعلامية لترميم المعابد وصون المواقع الأثرية في المراكز والقرى. وبينما تنطلق مشروعات الترميم في محافظات كبرى مثل القاهرة والإسكندرية والأقصر وأسوان، ترتفع أصوات المواطنين في القرى النائية مطالبة بخطة إنقاذ عاجلة لمواقعهم الأثرية المهددة بالإهمال.
مبادرات لترميم المعابد الكبرى
في القاهرة، شملت الأعمال معبد الباريش ومعبد تحتمس الثالث تحت إشراف فرق متخصصة، إضافة إلى مشروع تطوير معبد بن عزرا بمصر القديمة وإحياء مكتبته التاريخية.
وفي الإسكندرية، استعاد معبد إلياهو هنابي رونقه بعد ترميم شامل استمر عامين ونصف بتكلفة 67 مليون جنيه، بمشاركة شباب محليين في أعمال التنظيف والتشجير.
جهود الصعيد.. بين إنجازات وعقبات
في الأقصر، شهدت قرى أرمنت والقرنة أعمال ترميم لمعابد الكرنك ومجمعات أثرية أخرى، إلا أن المواطنين حذروا من تهديد الأمطار والمياه الجوفية للمعابد.
وفي أسوان، تمت صيانة معابد إدفو والألسن مع محاولات للسيطرة على مخاطر الرطوبة العالية.
أما في سوهاج والمنيا، فتعاني المشروعات من نقص التمويل وتوقف بعض أعمال الصيانة، فيما شاركت فرق أهلية في البلينا بتنظيف المواقع ضمن مبادرات شبابية.
أصوات المواطنين.. شراكة مطلوبة
الأهالي في القرى لا يكتفون بالشكوى، بل يطرحون حلولًا عملية:
-
تدريب الشباب على أعمال الصيانة.
-
إشراك المدارس في ورش توعية للأطفال.
-
إنشاء وحدات ترميم محلية بدل انتظار خبراء من العاصمة.
كما شهدت بعض القرى في سوهاج والفيوم مبادرات شعبية للتنظيف والصيانة الدورية، بقيادة خبراء محليين ومتطوعين.
تحديات قائمة أمام حماية التراث
رغم الجهود، ما زالت التحديات قائمة:
-
نقص التمويل والمعدات المتخصصة.
-
طول الإجراءات الإدارية وتداخل الاختصاصات.
-
صعوبة الوصول للمواقع النائية.
-
تأثير المياه الجوفية والرطوبة على الأحجار والنقوش.
-
غياب الصيانة الدورية.
استراتيجية مستقبلية شاملة
أكدت وزارة السياحة والآثار برئاسة الوزير شريف فتحي أنها بصدد إعداد خطة وطنية شاملة لحماية التراث تشمل كل المراكز والقرى، وتستند إلى:
-
تمويل دائم ومخصصات مستقرة.
-
استقطاب خبراء عالميين مع تدريب كوادر محلية.
-
حملات إعلامية للتوعية بأهمية التراث في تعزيز الهوية والسياحة.
التراث.. هوية لا تعوَّض
التراث الثقافي في مصر ليس مجرد حجر صامت، بل هوية وحياة، وضمانة للأجيال القادمة. والأهالي يقولون بوضوح: نحن مستعدون للمشاركة إذا أُتيحت لنا الفرصة. فالمعادلة واضحة: لن ينجح أي مشروع ترميم دون شراكة حقيقية مع المجتمعات المحلية.