كشفت دراسة علمية حديثة أن الوحدة خلال مرحلة الطفولة قد تترك آثارًا عميقة ومستمرة على صحة الدماغ، حيث ترتبط بزيادة خطر الإصابة بأمراض التدهور المعرفي مثل الخرف في مراحل لاحقة من الحياة، حتى في حال تراجع الشعور بالوحدة عند البلوغ.
تجارب الطفولة تشكّل مستقبل الدماغ
بحسب ما نشرته صحيفة هندستان تايمز، فإن الدراسة التي صدرت في 12 سبتمبر الجاري في مجلة JAMA Network Open، أوضحت أن الوحدة المبكرة لها تأثيرات دائمة على بنية الدماغ ووظائفه، وأن الشخص قد يبقى معرضًا للخطر رغم تحسن حياته الاجتماعية لاحقًا. وهذا يشير إلى أن الخبرات النفسية في مرحلة الطفولة تلعب دورًا محوريًا في تحديد الصحة العقلية مدى الحياة.
الوحدة تضعف الذاكرة وتعزز التوتر
أفاد الباحثون بأن الأطفال الذين يفتقرون إلى الصداقات أو يشعرون بالإقصاء الاجتماعي غالبًا ما يعانون من مشكلات في الذاكرة والانتباه لاحقًا. كما يلجأ بعضهم إلى استراتيجيات سلبية للتأقلم، مثل الانعزال الذاتي أو توقع الرفض، ما يؤدي إلى تفاقم الآثار النفسية والجسدية.
الدراسة أظهرت أن الوحدة تؤدي إلى إفراز مفرط لهرمونات التوتر، خاصة الكورتيزول، مما يرفع نشاط الجهاز العصبي بشكل مفرط، ويسبب تلفًا تدريجيًا في مناطق الدماغ المسؤولة عن الذاكرة والتعلم، أبرزها منطقة الحُصين.
التأثيرات تمتد إلى جهاز المناعة
لم تقتصر نتائج الدراسة على الدماغ فحسب، بل أظهرت أن الشعور المزمن بالوحدة يمكن أن يُضعف جهاز المناعة، ويجعل الجسم أكثر عرضة للإصابة بأمراض مزمنة في المستقبل، بما في ذلك الخرف.
التنمر سبب رئيسي.. والتدخل المبكر هو الحل
أشارت الدراسة إلى أن التنمر والعزلة الاجتماعية في المدارس من أبرز الأسباب التي تؤدي إلى شعور الأطفال بالوحدة. لذا، دعت إلى تعزيز المهارات الاجتماعية لدى الأطفال، وتوفير بيئات داعمة نفسيًا في المنزل والمدرسة، مع تعليمهم كيفية التصرف في مواقف التنمر، وطلب الدعم من البالغين الموثوقين.
استثمار مبكر في صحة العقل
خلص الباحثون إلى أن الطفولة ليست مجرد مرحلة مؤقتة، بل هي حجر الأساس الذي يُبنى عليه مستقبل الصحة العقلية. ولذلك، فإن حماية الأطفال من الشعور بالوحدة يجب أن يُنظر إليه كنوع من الاستثمار في صحة الدماغ على المدى الطويل.