في ليلة باردة من أبريل 1912، غرقت سفينة تيتانيك التي وُصفت بأنها “لا تغرق”، لتتحول خلال ساعات قليلة من رمز للتقدم الصناعي إلى مقبرة عائمة فقد فيها أكثر من 1500 شخص حياتهم، وكان غرقها صدمة حضارية غير مسبوقة، ومأساة بحرية صنعت حولها الكثير من القصص والأساطير.
من أبرز الأساطير التي ارتبطت بتيتانيك، وصفها بأنها غير قابلة للغرق، وحكاية الموسيقيين الذين واصلوا العزف حتى النهاية، إلى جانب أسطورة “المومياء المصرية” التي قيل إنها تسببت في الكارثة، ورغم أنها مجرد خرافات، فإنها انتشرت بسرعة بعد الحادثة، وأصبحت جزءًا من إرثها الشعبي.
المفارقة أن الأسطرة بدأت قبل غرق السفينة بـ14 عامًا، حين كتب الروائي الأمريكي مورجان روبرتسون رواية “العبث”، التي تخيل فيها اصطدام أضخم سفينة بنيت بجبل جليدي في المحيط الأطلسي وغرقها في ليلة باردة من أبريل، وأطلق عليها “تايتان”، وهي مصادفة وصفها النقاد بأنها تنبؤ مذهل بما حدث لاحقًا.
كما أن وجود شخصيات بارزة ومشاهير ضمن ركاب تيتانيك ساعد على تغذية الخيال الفني، حيث ابتكرت السينما قصصًا درامية عن الحادثة، أشهرها فيلم “تيتانيك” للمخرج جيمس كاميرون عام 1997، الذي صنع من قصة حب جاك وروز أيقونة عاطفية رغم أنها لم تحدث فعليًا، لتصبح القصة جزءًا من الذاكرة الجماعية العالمية.
ظل اكتشاف حطام تيتانيك حلمًا يراود المستكشفين حتى تحقق عام 1985 على يد روبرت بالارد، بعد 73 عامًا من الغرق، حين عُثر على السفينة منقسمة إلى نصفين في قاع المحيط، وهو ما أضاف المزيد من الغموض والإثارة إلى الحادثة، ورسّخ مكانتها كأسطورة تتجاوز حدود الواقع.
هكذا، لم يخلّد العلم وحده ذكرى تيتانيك، بل ساهم الفن أيضًا في تحويلها إلى أيقونة خالدة، تجمع بين المأساة الإنسانية، والتاريخ، والأسطورة، في حكاية لا تزال تأسر خيال الملايين حول العالم.