من بين زخم الإبداع الذي يتناثر هنا وهناك، تبرز أعمال تستحق التوقف عندها والتأمل في جمالها، أعمال تنبض بالصدق وتدعونا لنشير إليها قائلين: هنا يكمن الإبداع. هكذا وُلدت فكرة “قطوف”، لتكون نافذة واسعة على تجارب الشباب وإبداعاتهم في القصة، الشعر، الخواطر، والترجمات، محاولة أن تمنح هذه المواهب فرصة للظهور والاعتراف بها.
رحلة الأم المفقودة بين الألم والخيال
في إحدى القصص المؤثرة، نجد امرأة تسير في ممر ضيق يغمره الظلام، ينهكها الجوع والعطش، لكن وعدًا قطعته لطفلتها بأن تعود إليها يمنحها القوة للاستمرار. تتذكر عيد ميلاد صغيرتها السابع، حين قالت لها: “هذا أجمل عيد ميلاد لأنك بجانبي يا أمي.” غير أن الفاجعة وقعت في اليوم التالي، بعدما اختفى طليقها بالطفلة تاركًا رسالة يطلب منها ألا تبحث عنهما.
سنوات طويلة مرّت وهي تلهث خلف أي خيط يقودها إليها، حتى دلّتها صديقة على عنوان غامض. يومان فقط كانا يفصلانها عن عيد ميلاد طفلتها، فانطلقت في طريق موحش بحثًا عن الأمل.
صدمة اللقاء المستحيل
خرجت من الممر أخيرًا، لتجد نفسها وسط حديقة مزينة بالزينة والموسيقى والضحكات، حيث كان حفل زفاف يقام. لكن المفاجأة أن العروس كانت ابنتها، سعيدة في يوم زفافها الذي صادف عيد ميلادها الثالث والعشرين. حاولت الأم أن تقترب منها، لكن حاجزًا غير مرئي فصل بينهما، جعلها عاجزة عن لمسها أو حتى مناداتها.
جلست قرب نافورة تملؤها الحيرة والدموع، تساءلت: هل نسيتها؟ هل مضت السنوات دون أن تشعر بغيابها؟ ثم انسحبت من الحفل مثقلة بالخذلان، حتى وصلت إلى بحيرة علّها تجد فيها ما يروي عطشها.
النهاية المأساوية
حين انحنت لترى انعكاسها على صفحة الماء، لم تجد وجهها، بل أدركت أنها جسد بلا ظل. ارتجفت وهي تنظر حولها في ذهول، المكان غريب، والطريق مجهول، وهمست لنفسها: ربما هذه البحيرة مسكونة… أو ربما أنا التي لم أعد أنتمي إلى هذا العالم.