يدخل لبنان مرحلة سياسية وأمنية حساسة، تتقاطع فيها الحسابات الإقليمية مع الانقسامات الداخلية العميقة، في ظل جدل متصاعد حول سلاح حزب الله. فبين من يعتبره تهديدًا لسيادة الدولة، ومن يراه ضمانة لمواجهة إسرائيل، يواجه البلد خطر انفجار داخلي قد يعيد شبح الحرب الأهلية في ظل أزمة اقتصادية خانقة وانهيار مؤسسات الدولة.
الضغوط الأمريكية الإسرائيلية وجدول نزع السلاح
كشفت مصادر سياسية عن مذكرة أمريكية حملها المبعوث توم باراك إلى بيروت، تضمنت جدولًا زمنيًا وآلية لنزع سلاح حزب الله مقابل انسحاب إسرائيلي من الأراضي المحتلة جنوب لبنان. هذه الورقة وضعت ملف سلاح الحزب في قلب المفاوضات الدولية، باعتباره ورقة ضغط إقليمية مرتبطة بالحرب الأخيرة بين الحزب وإسرائيل على خلفية حرب غزة.
المواقف المتعارضة داخل لبنان
أسعد بشارة، المحلل السياسي، أكد أن الحل الوحيد يكمن في سحب سلاح حزب الله وكل السلاح خارج الدولة، معتبرًا أن حجج الحزب بالمقاومة مجرد ذرائع بعد الهزيمة الأخيرة أمام إسرائيل.
في المقابل، هدد نعيم قاسم، خليفة حسن نصر الله، بعودة شبح الحرب الأهلية إذا أصرت الحكومة على تنفيذ الورقة الأمريكية، محذرًا: “لن يكون للبنان حياة إذا حاولتم مواجهتنا أو القضاء علينا”.
جدل تطبيق القرارات الدولية
يشير المحلل السياسي زياد علوش إلى أن جدل نزع السلاح يرتبط بالقرارين الأمميين 1701 و1559، مؤكدًا أن تكليف الجيش اللبناني بخطة لحصر السلاح بيد الدولة بحلول نهاية العام قد يفتح مواجهة مفتوحة تحمل رائحة “الانفجار الكبير”.
السيناريوهات المطروحة لمستقبل حزب الله
حدد علوش 4 سيناريوهات لمستقبل لبنان:
نزع السلاح بالكامل مقابل انسحاب إسرائيلي ودعم دولي لإعادة الإعمار.
تسوية جزئية بتخفيض القدرات النوعية للحزب ودمج جزء من عناصره بالجيش.
فشل التنفيذ واستمرار الجمود والانقسام الداخلي مع توقف الدعم الدولي.
مواجهة شاملة داخلية أو حرب واسعة مع إسرائيل.
الموقف الحكومي اللبناني
أكد رئيس الوزراء نواف سلام أن لا دولة من دون حصرية السلاح بيدها، رافضًا تهديدات الحزب، وقال: “حرام أن يكون السلاح متروكًا في المخازن لتدمره إسرائيل، ما نطلبه هو أن يكون بيد الدولة فقط”.
البعد الإقليمي والدولي
بحسب الباحث السياسي حسان قطب، فإن حزب الله مشروع ديني إيراني أكثر منه مشروع مقاومة، معتبرًا أن فقدان سلاحه يعني فقدان قيمته لإيران. وأشار إلى أن استمرار الأزمة قد يدفع بتدخل دولي بقيادة أمريكية وأوروبية لمساعدة الجيش اللبناني على إنهاء الوجود العسكري للحزب.
خلاصة
يقف لبنان اليوم على مفترق طرق تاريخي: إما السير في طريق نزع سلاح حزب الله وفق الضغوط الدولية، أو الانزلاق إلى مواجهة عسكرية وأمنية تهدد ما تبقى من استقراره الداخلي.